نمو وتطور الطفلأمراض الأطفالالأمراض النفسية

تواصل الأم مع الطفل بعمر 1 سنة حتى سنتين

علاقة الام بالطفل خلال السنة الثانية

تواصل الأم مع الطفل بعمر 1 سنة حتى سنتين

تتطور لغة الطفل في هذه المرحلة بشكل متزايد , ويصبح قادراً تماماً على فهم ما تقوله الأم والتعبير عما يريده . ويظهر استمتاعه بقدرته على فهم التوجيهات المعقدة من قبل الأم وتنفيذها , ولا يتردد بإعطاء بعض التوجيهات إلى والديه وانتظار استجابتهم لها . وقد يتأخر بعض الأطفال بالكلام إلى قرابة عمر السنتين , خاصةً إذا انشغل الطفل بتعلم المشي واستمتع بهذه المهارة أكثر من الكلام . ويعتبر هذا الأمر عادياً لا يدعو لقلق الأهل . ومع ذلك يمتلك الطفل في هذه المرحلة محصولاً كبيراً من الكلمات التي لا ينطق بها , لكن سرعان ما يستخدمها جميعها حين يبدأ بالكلام .

ويستطيع بعض الأطفال بعمر السنتين تكوين جملٍ بسيطة من كلمتين إلى أربع كلمات . والحقيقة أن الأهم في هذه المرحلة أن يفهم الطفل ما يُقال وأن يستجيب للأوامر , مما يؤكد قدرته على الفهم .

وتجد الأم في هذه المرحلة صعوبةً كبيرةً في التحكم بطفلها الذي يأخذ بالمشي هنا وهناك , ويتجاهل أوامرها ويصرخ محتجاً . وكثيراً ما يستخدم كلمة (لا) مع إبداء غضبه الشديد حين لا يرغب في تنفيذ ما تطلبه أمه . وتظهر لدى الطفل دلائل الملكية , فهو كثيراً ما يستخدم عبارة (هذا لي) , وكثيراً ما يبكي عندما تؤخذ منه الأشياء , أو حين تظهر الأم اهتمامها بشخصٍ آخر من أفراد الأسرة أو الأقارب أو الجيران .

ويجب على الأم في هذه المرحلة أن تستمر بالإشارة إلى الأشياء وإلى ما تريد أن يفعله طفلها , مع التعليق البسيط والسريع , وانتظار إجابته لمثل هذه الأسئلة , كسؤاله : هل تريد أن تأكل تفاحة ؟ أو سؤاله : ماذا تريد؟ .
إن هذا الأسلوب يطور قدرة الطفل على الاستجابة الصحيحة , كما يشجعه على المشاركة في الأحاديث , شريطة ألا تسبب له الأم التوتر والانزعاج بإبعاد ما يريد الحصول عليه عن متناول اليدين في انتظار أن يعبر عما يريده بالكلمات .

ويتراوح الأطفال في هذه المرحلة كثيراً فيما يستخدمونه من كلمات , ففي حين يستخدم بعضهم الكثير من المفردات يستخدم آخرون القليل منها فقط .

وبشكلٍ عام فإن معظم الأطفال في هذه المرحلة قادرون على :

  1. لفظ حوالي 15 كلمة .
  2. تركيب جمل بسيطة مكونة من كلمتين أو ثلاثة .
  3. تنفيذ التوجيهات البسيطة .

ومن الضروري أن تشير الأم طبيب الأطفال سريعاً حين تلاحظ أن طفلها لا يتكلم أو لا يستجيب لمل تقوله , حيث يمكن أن يعاني الطفل في هذه المرحلة من مشاكل عديدة , كالتهاب الأذن الذي يمنعه من سماع الكلمات .

تواصل الأم مع الطفل بعمر سنة إلى سنتين: بناء جسور الفهم والحب

تُعدّ الفترة العمرية من سنة إلى سنتين مرحلة ذهبية في تطور الطفل، ففيها ينتقل من الاعتماد الكلي على التعبير غير اللفظي إلى استكشاف الكلمات الأولى، محاولاً فهم العالم من حوله والتعبير عن ذاته. يلعب تواصل الأم الفعّال دورًا حاسمًا في دعم هذا التطور، فهو يبني أساسًا متينًا لنمو الطفل المعرفي، الاجتماعي، والعاطفي.

1. فهم عالم الطفل في هذه المرحلة:

قبل البدء بالتواصل، من المهم أن ندرك أن الطفل في هذا العمر:

  • يفهم أكثر مما يتكلم: على الرغم من قلة مفرداته، إلا أن قدرته على فهم الكلمات والإيماءات تتطور بسرعة.
  • يتعلم بالملاحظة والتقليد: يراقب كل حركة وكل كلمة تُقال، ويحاول تقليدها.
  • يستجيب للنبرة والعاطفة: يفهم مشاعر الأم من نبرة صوتها وتعبيرات وجهها، حتى قبل فهم الكلمات.
  • يستكشف العالم من خلال الحواس: اللمس، التذوق، الرؤية، والسمع هي أدواته الرئيسية للتعلم.
جدول تغذية الطفل الرضيع
جدول تغذية الطفل الرضيع

2. استراتيجيات تواصل فعّالة للأم:

لتعزيز التواصل مع طفلك في هذه المرحلة، يمكنكِ اتباع هذه الاستراتيجيات:

  • تكلمي معه باستمرار:
    • وصف الأفعال اليومية: تحدثي بصوت واضح وودود عن كل ما تفعلانه: “الآن سنرتدي حذاءك الأحمر”، “نحن نطبخ العشاء”، “أنت تشرب الماء”. هذا يساعد الطفل على ربط الكلمات بالأشياء والأفعال.
    • القراءة بصوت عالٍ: اختاري كتبًا ملونة وذات صور كبيرة. أشيري إلى الصور وسمّي الأشياء. حتى لو لم يفهم كل الكلمات، فإن نبرة صوتك وقربك منه يعززان حب اللغة.
    • تسمية الأشياء من حوله: عند الإشارة إلى كرة، قولي “كرة”؛ عند رؤية قطة، قولي “قطة”. التكرار هو مفتاح التعلم.
  • شجعي التواصل غير اللفظي:
    • الرد على الإيماءات: إذا أشار طفلك إلى لعبة، قولي “هل تريد اللعبة؟” وقدميها له. هذا يعلمه أن إيماءاته تُفهم وتُلبى.
    • تقليد الإيماءات والأصوات: قلّدي الأصوات التي يصدرها أو الحركات التي يقوم بها. هذا يشجعه على التواصل ويشعره بأنكِ تفهمينه.
    • التعبير بالوجه والجسد: استخدمي تعابير وجه واضحة وحركات جسدية لإيصال المشاعر والمعاني.
  • كوني مستمعة جيدة وصبورة:
    • امنحيه وقتًا للرد: عند طرح سؤال أو الإشارة إلى شيء، امنحيه بضع ثوانٍ للرد، حتى لو كان ذلك بإيماءة أو صوت.
    • لا تقاطعيه: دعي طفلك يكمل محاولاته للتعبير، حتى لو كان يواجه صعوبة.
    • تحلي بالصبر: تعلم اللغة عملية تدريجية. كوني صبورة ومشجعة دائمًا.
  • العبوا معًا وتفاعلا:
    • اللعب التفاعلي: انضمي إلى طفلك في اللعب. عندما يلعب بالسيارات، قولي “سيارة!”، “تيت-تيت!”، “سيارة سريعة!”. هذا يربط الكلمات بالمتعة والتجربة.
    • الأغاني والأناشيد: غنّي لطفلك أغاني بسيطة مع حركات. الموسيقى تساعد على تعلم الإيقاع وتطوير المهارات اللغوية.
    • الألعاب التي تتضمن الإشارة: مثل “أين أنفك؟” أو “أين عيناي؟”.
  • التعامل مع نوبات الغضب والإحباط:
    • عندما يغضب الطفل لأنه لا يستطيع التعبير عن نفسه، حاولي تسمية مشاعره: “أنت غاضب لأنك لا تستطيع أن تقول ما تريده؟”. هذا يساعده على فهم مشاعره وتطوير مفردات للتعبير عنها لاحقًا.
    • قدمي له خيارات بسيطة لتسهيل التعبير: “هل تريد الحليب أم الماء؟” بدلاً من سؤاله عما يريده بشكل عام.
  • قللي من وقت الشاشة:
    • التعرض المفرط للشاشات يمكن أن يعيق التطور اللغوي والاجتماعي. يفضل تقليل وقت الشاشة والتركيز على التفاعل البشري المباشر الذي لا غنى عنه للتطور السليم.

3. علامات قد تشير إلى الحاجة لاستشارة أخصائي:

على الرغم من اختلاف معدلات التطور بين الأطفال، إلا أن هناك بعض العلامات التي قد تستدعي استشارة طبيب الأطفال أو أخصائي النطق واللغة:

  • إذا لم يتحدث الطفل كلمة واحدة بحلول عمر 18 شهرًا.
  • إذا لم يستجب لاسمه أو للأصوات بحلول عمر 12 شهرًا.
  • إذا فقد المهارات اللغوية أو الاجتماعية التي اكتسبها سابقًا.
  • إذا كان لا يحاول الإشارة أو استخدام الإيماءات للتواصل.
  • إذا كان لا يقوم بتقليد الأصوات أو الحركات.

إن تواصل الأم المستمر والمفعم بالحب والصبر مع طفلها في هذه المرحلة المبكرة ليس مجرد وسيلة لتبادل المعلومات، بل هو استثمار ثمين في بناء شخصيته، وتعزيز ثقته بنفسه، وتوسيع مداركه، وفتح أبواب العالم أمامه. كوني مرشدته الأولى، ومنحهِ المساحة والأمان ليتعلم التعبير عن نفسه ويكتشف قوة الكلمات.

تواصل الأم مع الطفل بعمر 1 سنة حتى سنتين
تواصل الأم مع الطفل بعمر 1 سنة حتى سنتين

كيف ينظر الطفل للأم بعمر سنة الى سنتين؟

كيف ينظر الطفل للأم بعمر سنة إلى سنتين: عالم من الأمان والاستكشاف

في الفترة العمرية ما بين سنة وسنتين، يمر الطفل بمرحلة نمو مذهلة وسريعة، وتتطور نظرته للأم بشكل كبير. لم تعد الأم مجرد مصدر للغذاء والرعاية، بل تتحول إلى مركز الأمان، ونقطة الانطلاق للاستكشاف، والقاموس الحي للعالم من حوله.

1. الأم كـ “قاعدة آمنة” (Secure Base):

  • الأمان والراحة: تظل الأم هي المصدر الأساسي للراحة والأمان. في هذا العمر، يصبح الطفل أكثر قدرة على الحركة (الزحف، المشي)، لكنه يعود دائمًا إلى أمه للحصول على الطوّف والدعم العاطفي عندما يشعر بالخوف، التعب، أو عدم اليقين. هي الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه عند مواجهة تحديات العالم الجديد.
  • الاستكشاف الواثق: وجود الأم يمنح الطفل الثقة لاستكشاف البيئة المحيطة به. يبتعد عنها قليلاً ليستكشف لعبة أو زاوية جديدة، ثم يعود ليتأكد من وجودها، وكأنها مرسى يضمن له العودة.

2. فهم الأم كـ “كائن منفصل”:

  • تطور الإدراك: يبدأ الطفل في هذا العمر بإدراك أن الأم كيان منفصل عنه، وليس امتدادًا لذاته. هذا الفهم يزيد من قلقه عند الانفصال (قلق الانفصال)، لكنه أيضًا يمثل خطوة مهمة نحو تكوين هويته المستقلة.
  • اللعب التظاهري: يبدأ الطفل في تقليد الأم في اللعب، مثل إطعام دميته أو التحدث في هاتف لعبة. هذا يعكس فهمه للأم كنموذج يقلده في أدواره الاجتماعية.

3. الأم كـ “مفتاح للتواصل والتعلم”:

  • مرجع عاطفي واجتماعي: ينظر الطفل إلى تعابير وجه الأم ونبرة صوتها لمعرفة كيفية الاستجابة للمواقف الجديدة أو الغريبة. إذا كانت الأم هادئة ومرتاحة، سيشعر الطفل بالأمان. إذا كانت قلقة، فقد يشعر بالقلق هو الآخر.
  • قاموس الكلمات الأول: تعتمد الأم بشكل كبير على تسمية الأشياء والأشخاص والأفعال في حياة الطفل اليومية. ينظر الطفل للأم كمصدر أساسي للكلمات والمعاني، ويحاول تقليد أصواتها وكلماتها الأولى.
  • فهم الأوامر البسيطة: مع تطور اللغة، يبدأ الطفل في فهم الأوامر البسيطة من الأم، مثل “أحضر الكرة” أو “اجلس”، حتى لو لم يكن قادرًا على التحدث بوضوح بعد.

4. التعبير عن الذات والعواطف تجاه الأم:

  • الحب والتعلق: يظهر الطفل حباً وتعلقاً واضحين بالأم من خلال العناق، القبلات، الرغبة في القرب الجسدي، والبحث عنها عند الحاجة.
  • التمرد والاختبار: مع نهاية هذه المرحلة (الاقتراب من السنتين)، قد يبدأ الطفل في اختبار الحدود وقول “لا” للأم. هذا ليس رفضًا للأم، بل محاولة لتأكيد استقلاليته المكتشفة حديثًا وفهم سلطة الأم.
  • الغضب والإحباط: قد يشعر الطفل بالإحباط لأنه لا يستطيع التعبير عن كل ما يريده أو فهم كل ما يحدث. تنظر الأم إليه كمصدر للتفهم والصبر في هذه اللحظات.

5. النمو المعرفي والإدراكي:

  • التعرف البصري والشمي: يستطيع الطفل التعرف على أمه بالرؤية والرائحة حتى من مسافة، مما يمنحه شعوراً بالراحة بمجرد وجودها في الأفق.
  • فهم الروتين: يعتمد الطفل على الروتين الذي تضعه الأم، وينظر إليها كمنظمة لحياته اليومية، مما يمنحه شعوراً بالاستقرار.

باختصار، الأم في عمر السنة إلى السنتين هي العالم كله بالنسبة للطفل؛ هي الأمان، المعلم الأول، نقطة الارتكاز، ومنبع الحب الذي يدفعه للاستكشاف والنمو. تتشكل شخصية الطفل وثقته بنفسه واستقلاليته المستقبلية بشكل كبير من جودة هذه العلايمة وعمقها في هذه الفترة الحرجة. آخر تحديث: 29/07/2025

 

د.رضوان فريد غزال

أخصائي وإستشاري أمراض الأطفال, مؤسس و مشرف و مالك موقعي عيادة طب الأطفال و دكتور أونلاين على شبكة الإنترنت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى